بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 نوفمبر 2011

الحكومة الجزائرية تقضي على تجارة الملابس المستعملة

أثار قرار الحكومة الجزائرية منع استيراد الملابس المستعملة في مشروع قانون المالية لسنة 2012 حفيظة آلاف العمال والتجار الذين نظموا اعتصامات لحمل الحكومة على التراجع عن القرار عند التصويت على قانون الميزانية في مجلس الأمة.

 

وافق نواب المجلس الشعبي الوطني تحت ضغط الحكومة بالأغبية المطلقة مؤخرا على منع استيراد الملابس المستعملة الذي تم ترخيصه منذ خمسة أشهر في إطار قانون المالية التكميلي 2011، وبررت لجنة المالية بالمجلس إدراجه للمادة الجديدة (27) في تقريرها النهائي حول نص القانون أن هذا الإجراء "تم إقراره حرصا على حماية إنتاج قطاع النسيج الوطني وتجنبا للأخطار التي تخلفها الملابس المستعملة على الصحة العمومية". 
وأعرب كريم جودي وزير المالية عقب المصادقة على القانون عن ارتياحه الشديد لمصادقة نواب البرلمان على نص المادة، وقال جودي إن "تطهير مؤسسات فرع النسيج كلف الحكومة المليارات، ونحن اليوم بحاجة إلى إنشاء قيمة مضافة  للاقتصاد الجزائري، وليس الاستيراد أكثر من الخارج". كما رحبت الفيدرالية الوطنية لعمال النسج والجلود بقرار منع استيراد الملابس المستعملة، واعتبرته يتماشي وسياسة الإصلاح الهيكلي والمالي للقطاع من طرف الحكومة من أجل النهوض بالإنتاج الوطني، وقال عمار طاقجوت رئيس الفيدرالية: "إن المصادقة على المادة 27 من طرف نواب الشعب هو بمثابة تصحيحا لوضع كان خطأ، فليس من الطبيعي صرف مبالغ مالية ضخمة تجاوزت قيمتها 132 مليار دج بغرض تطهير ديون المؤسسات والمصانع، ووضع برنامج من أجل الاستثمار والتكوين، ليتم بعدها الاستمرار في تشجيع استيراد الملابس المستعملة التي تفرض منافسة غير شريفة في السوق".

تجار الملابس المستعملة يصعدون الموقف
وزير المالية الجزائري كريم جودي: "نحن بحاجة إلى إنشاء قيمة مضافة للاقتصاد الجزائري" واستغربت الجمعية الجزائرية لمستوردي الملابس المستعملة من قرار الحكومة، ومجاراة البرلمان لها، خاصة وأن هؤلاء النواب أنفسهم سعوا منذ أقل من أربعة أشهر من أجل السماح باستيراد هذه الملابس، واتهمت في هذا الإطار حزب العمال وزعيمته لويزة حنون بالتواطؤ مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين والحكومة بالوقوف وراء المادة 27 التي تمنع استيراد الملابس المستعملة، وسخرت الجمعية من المبررات المقدمة، حيث يقول رئيسها الحاج الشريف فرحي لدويتشه فيله: "إن دعم قطاع النسيج بآلاف المليارات يهدف في الأساس إلى ربح الجبهة الاجتماعية وتهدئة الأوضاع التي ستنفجر حتما متسائلا "كيف يمكن السماح لقطاع لا يقدر على منافسة الشيفون (أي الملابس المستعملة) بالاستفادة من أموال الشعب؟".

وأكد الحاج الشريف، عزم أعضاء جمعيته الذهاب إلى اعتصام مفتوح حتى يتم التراجع عن القرار الذي يهدد أكثر من 150 مؤسسة استرجاع بالغلق وتهدد حوالي 800 ألف تاجر، قائلاً: "لقد بدأنا حركة احتجاجية عبر كل  ولايات الوطن، وإن لم يُستجب  لنا سوف  نعتصم في العاصمة أمام الرئاسة أو البرلمان".

وأضاف رئيس الجمعية التي مقرها محافظة تبسة بالشرق الجزائري "أن الحركة الاحتجاجية هذه المرة لن تتوقف إلا بتحقق جميع المطالب المرفوعة ومنها إسقاط المادة 27 من قانون المالية لسنة 2012".

الفقراء -  الضحية الأولى للقرار
 
ويتهم تجار الملابس المستعملة "الشيفون" نواب المجلس الشعبي الوطني ببيع موقفهم في هذه القضية "للحكومة وبارونات استيراد السلع الصينية"، والتملص من واجبهم في الوقوف إلى جانب الطبقة الفقيرة التي تعتبر هذه الملابس كسوتهم في الصيف والشتاء، ويقول عبد السميع إن "الحكومة تشجع بهذا القرار مافيا التهريب ومستوردي السلع الصينية التي تتسبب في الكثير من الأمراض الجلدية، وتُضيع بذلك المليارات على الخزينة العمومية".

وشهدت محلات بيع الملابس المستعملة إقبالا واسعا من طرف المواطنين من أصحاب الدخل المتوسط والفقراء للاستفادة منها قبل غلقها، ويقول ساعد صاحب محل بباب الزوار:" منذ صدور قرار منع الاستيراد، نشهد إقبالا كبيرا للمواطنين من مختلف طبقات المجتمع، وليس الفقراء فقط كما يعتقد الكثيرين"، وبحسب ساعد الذي تحدث لدويتشه فيله فـ"إن منع الاستيراد لن يضر التجار الكبار، لأنهم بأموالهم سوف يغيرون نشاطاتهم بكل سهولة، لكن المتضرر هم هؤلاء  - يشير لبعض الزبائن بالمحل- الذين يجدون ضالتهم في كسوة أبنائهم هنا وبأسعار زهيدة".

"الملابس المستعملة قد تؤدي للإصابة بالجرب" وينتقد الكثير من الجزائريين قرار منع استيراد الملابس المستعملة، التي تشكل الملجأ الوحيد للملايين من المواطنين، خاصة مع تراجع القدرة الشرائية للعامل الجزائري والارتفاع المهول لأسعار السلع في السوق المحلي، وعبر الكثير من الزبائن الذين التقتهم دويتشه فيله عن استيائهم الشديد من منع الدولة للملابس المستعملة، واعتبروا تلك ضربة أخرى لهدم قدرتهم الشرائية المنهارة، ويؤكد عم محمد (64 سنة) المتقاعد من شركة وطنية، أنه ومنذ أن تقاعد وهو يلبس من هذه المحلات ولم يحدث له شيء، ويضيف"أن منع الملابس المستعملة سيزيد من متاعبنا في هذه الحياة ولن أقدر على شراء ما يستر عورة أبنائي الخمسة بالدنانير التي نقبضها من معاش التقاعد".

الملابس المستعملة خطر على الجزائريين
وعرفت تجارة الملابس المستعملة رواجا كبيرا بالجزائر في السنوات الأخيرة، ولم يعد أمراً يخجل منه المجتمع كما كان في السابق، حيث أصبحت كل فئات المجتمع تتهافت على اقتناء هذه الملابس، مع اختلاف مبررات كل فئة: فالفقراء تغريهم  أثمانها البخسة، والميسورين من الشباب والطلبة  يجدون بها "الماركات" التي لا يجدونها في السوق المحلية، حيث يتطلعون كل مرة إلى ما تحمله "البالة" من جديد، حسب ما أكده لنا أحد الباعة بشارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة.

ولا ينكر زبائن محلات بيع الملابس المستعملة الأخطار التي قد تسببها هذه الملابس على صحتهم، ويتناقلون بينهم قصص وحكايات لأمراض تسببت فيها ملابس وأحذية مستعملة لم تخضع للمراقبة والمعالجة اللازمتين، ويقول في هذا الإطار الدكتور الحسن مقدم المختص في الأمراض الجلدية بمستشفى الرويبة لدويتشه فيله: "تعتبر الملابس المستعملة خاصة تلك التي تلامس الجلد مباشرة مصدر رئيسي للكثير من الأمراض الجلدية مثل الجرب والهربس الجلدي، وأمراض الحساسية المزمنة"، ويرى الدكتور مقدم بأن "صحة الإنسان لا تقدر يثمن، لذلك وجب على المواطنين الامتناع عن شراء هذه الملابس لما تشكله من أخطار على الصحة العمومية"

 توفيق بوقاعدة – الجزائر

http://www.dw-world.de/dw/article/9799/0,,15533191,00.html

الخميس، 10 نوفمبر 2011

تجارة السيارات الجديدة في الجزائر... أسهل الطرق نحو الثراء


 تشهد أسعار السيارات في الجزائر ارتفاعا غير مسبوق في الآونة الأخيرة. وإضافة إلى الضرائب وقوانين الاستيراد الحكومية، يعتبر الجزائريون أن فئة جديدة من السماسرة، تسمى بالعامية "بزناسية 00" هي المسؤولة عن هذا الارتفاع.

يُرجع كثير من الجزائريين سبب ارتفاع أسعار السيارات إلى قرارات الحكومة المتتالية للحد من عدد السيارات المستوردة، دون الأخذ بمصلحة المواطن البسيط. ويقول عبد الهاني "إن قرار الحكومة بمنع استيراد السيارات أقل من ثلاث سنوات هو السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة" ويضيف لدويتشه فيله "جاء القرار في مصلحة وكلاء السيارات الذين ارتفعت مبيعاتهم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، والكثير منها عجز عن تلبية الطلبات المتزايدة على علاماتها". غير أن سفيان مجدان يرى أن السبب الحقيقي هو إلغاء القروض الاستهلاكية التي كانت الوسيلة الوحيدة التي مكنت العائلات ذات الدخل المتوسط من امتلاك السيارات الجديدة، ويضيف "لقد ضيع قرار الحكومة في جويلية 2009 حلم الكثير من الموظفين من أصحاب الدخول المتوسطة من امتلاك وسيلة نقل مريحة تجنبهم أهوال النقل العمومي المهترئ".

وتشترط الحكومة لعودة القروض الاستهلاكية لاقتناء السيارات الجديدة، بروز صناعة وطنية للسيارات بالشراكة مع بعض الشركات المصنعة، وقال كريم جودي، وزير المالية: "يوجد حاليا عدد معين من مشاريع مصانع السيارات طور التحادث بين الحكومة الجزائرية والمنتجين. وبما أن هذه المشاريع ستنجز ينبغي علينا مرافقة ذلك بوضع قرض للاستهلاك لاقتناء سيارات مصنوعة على مستوى السوق الداخلية".

الوكالات المعتمدة خارج القانون والرقابة

يشتكي مئات الزبائن يوميا من التلاعب الذي تقوم به هذه الوكالات، وخاصة ما يتعلق بمواعيد التسليم. ويرى كمال أن هناك تلاعبات كثيرة يقوم بها أصحاب الوكالات، الذين همهم الوحيد جيوب الزبائن دون تقديم الخدمات اللازمة، وأقلها الالتزام بالمواعيد المحددة للتسليم.

ويحكي كمال لدوتشيه فيله معاناته مع إحدى هذه الوكالات التي لا تزال تؤجل كل مرة موعد تسليم سيارته التي اشتراها ودفع ثمنها كاملا في شهر آذار مارس الماضي على أن تسلم له في غضون 20 يوما، إلا أنه لم يستلمها لحد الآن، وقال لدوتشيه فيله "لقد طالبت باستعادة أموالي من أجل شراء السيارة من السوق الموازية لكنهم رفضوا ذلك، وما زلت انتظر".



السماسرة يحولون الأسواق إلى وكالات غير معتمدة

يلجأ الكثير من المواطنين إلى اقتناء سيارات جديدة من السوق الموازية، لكن بأسعار تفوق بكثير سعرها الحقيقي في قاعات عرض الوكالات المعتمدة. وللوقوف على الظاهرة توجهنا إلى أشهر سوق سيارات في الجزائر،"سوق تيجلابين" بولاية بومرداس (شرق العاصمة)، وما لفت انتباهنا ونحن ندخله هو وجود عدد كبير من السيارات الجديدة، من مختلف العلامات والأحجام، على غير العادة في هذه السوق المعروفة لبيع السيارات القديمة والمستعملة.

 تقدمنا من أحد الباعة الشباب وسألناه عن سعر سيارته التي لم يسجل عدادها إلا 250 كلم، وكانت المفاجأة، فالسعر الذي يعرضه يفوق سعر ذات السيارة في قاعة العرض ب70 ألف دينار جزائري. وبرر عباس هذه الزيادة بالقول "هذه الزيادة مقابل عدم الانتظار ثلاثة أو أربعة أشهر، نحن نقدمها لك سيارة جديدة وعلى الفور"، وتكررت ذات العبارة من أغلب الباعة الذين سألناهم في السوق، ويقول عمار، صاحب سيارة ذات علامة آسيوية، لدوتشيه فيله: "لقد أصبحت السمسرة في السيارات الجديدة مهنتي المفضلة، لأن ربحها مضمون، ويعتمد في الأساس على ندرة السيارات في مخازن الوكلاء المعتمدين".

وحول طريقة حصوله على هذه السيارة المفقودة -حسب تعبيره-، يضيف عمار "أقوم بتقديم طلبات شراء السيارات على فترات متباعدة، وكلما أبيع سيارة أطلب أخرى، وهكذا احصل على دخل معتبر جدا بدلا عن بيع السيارات القديمة التي نخسر في سيارة ما نربحه في أخرى".
اليد الخفية تسيطر على السوق

تكرر مشهد السيارات الجديدة في سوق الحراش بالجزائر العاصمة، بعد أن عاد الانتعاش لهذه السوق التي عرفت قبل ثلاث سنوات حالة ركود شبه تامة، حيث يندر أن تعقد بها صفقة بيع وشراء، لكننا وجدنا السوق هذه المرة مزدحمة بآلاف الزوار، ولا تكاد أسعار السيارات الجديدة تختلف عن سوق تيجلابين، وكأن هناك هيئة معينة تضع تسعيرة موحدة لمختلف أصناف العلامات، غير أن حالة تذمر لمسناها لدى بعض البائعين والمشتريين على السواء من هؤلاء السماسرة الجدد (بزناسية 00)، الذين أضحوا يسيطرون على السوق، ويفرضون منطقهم فيها ويتلاعبون بأسعارها كما يشاؤون.
السوق الافتراضية .. الخيار الأمثل

وطور السماسرة الجدد من وسائل الترويج لسياراتهم فلجئوا إلى السوق الافتراضية على شبكة الانترنت، ويعتبر موقع واد كنيس أشهر المواقع الجزائرية المتخصص في إعلانات الشركات والأفراد، ويقول السمسار عبد الحفيظ الذي اتصلنا به كزبائن لشراء سيارته المعروضة بالموقع "لقد وجدنا ضالتنا في هذا الموقع المجاني، حيث نقوم بصفقات البيع ونحن في بيوتنا بدل معاناة الأسواق وتكاليفها". وبعد دردشة قصيرة مع عبد الحفيظ، تبين لنا أنه يملك خمس سيارات وكلها جديدة، وبدون وثائق التأمين التي تفرضها الوكالات على الزبائن قبل خروج السيارة من المستودع، وعند استفسارنا عن الأمر قال عبد الحفيظ، "لدينا شركاء يعملون في هذه الوكالات، ويقدمون لنا التسهيلات الكفيلة بتحقيق أكبر نسبة من الربح، ومنها استلام السيارة مباشرة بعد دفع ثمنها دون انتظار".

 حاولنا الاستفسار لدى وكالات بيع السيارات عن سبب طول مدة التسليم، فتحجج أغلبهم بعوامل خارجة عن إرادتهم، ومنها طول إجراءات الجمركة، وبعد المسافة بين موانئ الوصول بشرق الجزائر وغربها ومراكز التخزين بالعاصمة، ونفى المسؤولون بهذه الوكالات وجود أي محاباة أو تواطؤ بينهم وبين السماسرة، في الوقت الذي يؤكد فيه شركاؤهم ذلك.

و يتوقع خبراء اقتصاديون استمرار ارتفاع أسعار السيارات بالسوق الموازية التي لا تزال غير منظمة وتحت رحمة المضاربين ومافيا السوق، بالإضافة إلى عدم قدرة وكلاء السيارات الأربعين المعتمدين في الجزائر تلبية حاجيات السوق المتزايدة، وتؤكد إحصائيات المركز الوطني للإعلام والإحصاء، ارتفاع واردات الجزائر من السيارات بنسبة 33.66 بالمائة خلال النصف الأول من العام الجاري لتبلغ 176901 سيارة بقيمة إجمالية قدرت بـ 2.3 مليار دولار أمريكي.

الجزائر/ توفيق بوقاعدة
دوتشيه فيله
http://www.dw-world.de/dw/article/9799/0,,15517536,00.html

الأحد، 6 نوفمبر 2011

الجزائريون يركبون الميترو ويرددون "هرمنا من أجل هذه اللحظة"

بعد ثلاثين عاما من انطلاق المشروع، تمكن الجزائريون من تحقيق حلمهم واستطاعوا ركوب الميترو، انه المشروع الذي كلف خزينة البلاد مليار يورو. ومن المتوقع أن ينقل 60 مليون مسافر سنويا.


يحج آلاف الجزائريين منذ الأول من نوفمبر الجاري إلى قلب العاصمة الجزائر لاكتشاف حلم "الميترو" الذي أصبح حقيقة بعدما انتظاره ثلاثة عقودا كاملة، وشهدت محطاته العشرة الممتدة على مسافة 9.5 كلم ازدحاما كبيرا أمام شبابيك بيع التذاكر وعلى أرصفة الانتظار في مشهد يوحي أن الجميع في انتظار اكتشاف معلم سياحي يعرض لأول مرة، وتفنن الجميع في التقاط الصور والفيديوهات التذكارية للمشروع الأكثر عمرا وجدلا في الجزائر المستقلة.
وفي جولة قادت موقع دوتشيه فيله إلى محطة الميترو بحي البدر بباش جراح، واقتطعت تذكرة إلى محطة تافورة بالبريد المركزي رصدت انطباعات المسافرين الذين اتفقوا حول أهمية الإنجاز المحقق في تسهيل عملية التنقل التي تؤرق يومياتهم، لكنهم اختلفوا في تحديد النقائص التي لاحظوها والأولويات التي يستعجلون السلطات بتوفيرها، وتعول وزارة النقل على الميترو للمساهمة في تحسين النقل الحضري على مستوى العاصمة من حيث النوعية والكمية، ومن المتوقع أن ينقل 25 ألف مسافر في الساعة وأكثر من 60 مليون مسافر سنويا على مجموع الخط الأول في انتظار إتمام إنجاز التوسعات الأخرى التي أعلنت عنها مؤسسة ميترو الجزائر.
"هرمنا من أجل هذا الميترو"

كانت عبارة "هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية"، التي قالها التونسي أحمد الحفناوي  الشعار الذي ردده الجزائريون، خاصة من كبار السن، وهم يركبون عربات متروا الأنفاق، ويقول الحاج عمر معيش لدوتشيه فيله "لقد واكبت كل المراحل التي عرفها مشروع الميترو منذ الإعلان عنه سنة 1970، حينها كنت في ريعان الشباب، وها أنا أركبه الآن بعد أن اشتعل الرأس شيبا، وكثيرا من أقراني وأصدقائي كانوا يتمنون هذه اللحظة التاريخية لركوب هذه الوسيلة العصرية، لكن الموت استعجلهم قبل أن تستعجل حكومتنا أشغاله في الفترة الأخيرة.

وعند وصول عربات الميترو محطة المعدومين، وفتحت الأبواب سمعنا زغاريد تملأ المكان، وبعد لحظات دوت ذات الزعرودة في عربة الميترو، كانت خالتي خديجة هي من ملئت المكان بهجة ومرحا، حيث اجتمع حولها بعض الشباب وبدأوا بالتصفيق وترديد شعارات أحد الأندية الرياضية العاصمية، اقتربنا من خالتي خديجة واستفسرناها عن سبب فرحتها فردت والابتسامة لا تفارق محياها "لم أكن أنتظر هذه اللحظة التي أركب فيها الميترو، وفي هذه المناسبة الخالدة من ذاكرة الشعب الجزائري".
نقائص كثيرة والأهم العربات تسير
ولكن محمد الذي كان يقف بالقرب منا تدخل قائلا "يجب أن لا نبالغ في الفرحة، فما تحقق لا يساوي شيء أمام المليارات التي صرفت والسنين التي انقضت من أجل إنجاز مشروع بـ9 كيلومترات فقط"، وأكثر من ذلك هناك الكثير من النقائص التي لاحظناها في اليوم الأول". ويضيف رفيقة جمال المغترب في بريطانيا "إن دخول الجزائر نادي المدن التي بها الميترو شيء جميل جدا، خاصة وأنها الأولى مغاربيا، لكن تلاحظون أن سياسة الترقيع التي يتفنن فيها مسؤولونا واضحة في طريقة تهيئة المحطات خلال الساعات الأخيرة قبل تدشينه من طرف رئيس الجمهورية، إضافة إلى انعدام المرافق الضرورية من محلات تجارية ومراحيض عمومية ومقاعد على طول رصيف الانتظار بالإضافة إلى غياب وحدة للحماية المدنية للتدخل في حالة وقوع أي حادث، وهذا أمر نأسف له، ونتمنى تداركه في القريب".
وتقول فائزة سويسي القادمة من ولاية ورقلة في زيارة عائلية: "إنجاز رائع، ليس بالنسبة للعاصميين فقط بل لكل الجزائريين، لقد أعجبني التنظيم المحكم، وانتشار عناصر الأمن في كل مكان لتأمين سلامة المسافرين، أتمنى أن يحافظ الجميع عليه·
الركوب في الميترو يبقى حلم الفقراء

واشتكى الكثير من المسافرين من غلاء سعر التذكرة التي حددت بـ 50 دينار، واعتبروا ذلك حرمانا غير معلن للطبقة الفقيرة من ركوب الميترو، ويقول عبد الحق " لقد ركبت اليوم للاكتشاف فقط، أما بعد ذلك فلا يمكنني دفع 100 دينار يوميا، في الوقت الذي يمكنني دفع أقل من ذلك في وسائل النقل الأخرى" ويضيف عبد الحق الموظف بمؤسسة خاصة في حي بلكور" يبدوا أن الميترو أصبح في حكم المسؤولين وسيلة رفاهية لفئة من الشعب دون غيرها، وما على الفقراء إلا الاستمرار مع الحافلات المهترئة لأنها الأقل تكلفة".
ويؤكد سفيان زنار، رئيس جمعية حماية المستهلك لدوتشيه فيله "أن أسعار تذاكر الميترو لا تتناسب مطلقا مع القدرة الشرائية للجزائريين، وحتى الطبقة المتوسطة، لا تستطيع دفع 50 دينار (نصف يورو) للفرد الواحد للتنقل في وجهة واحدة، في الوقت الذي بإمكان الفرد أن يتنقل بنفس المبلغ من الجزائر إلى ولايات مجاورة".
إنجاز سياسي في غياب الفعالية الإقتصادية

وفي اتصال مع عمار حدبي مدير ميترو الجزائر أكد أن  المستعملين الأوفياء للخط سيحصلون على تخفيضات معتبرة، بحيث سيستفيد مستعملو الاشتراك الأسبوعي والاشتراك الشهري وشراء دفتر من 10 تذاكر من خصم، كما يسمح الاشتراك الأسبوعي والشهري بالقيام بالسفر غير المحدد خلال فترة الاشتراك.
يذكر أن ميترو الجزائر كلف الخزينة العمومية مليار يورو وينتظر مسيروه أن يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، فيما يعتبره البعض مشروعا سياسيا في غياب أي مردودية اقتصادية ذات قيمة، ويقتصر دوره على تنشيط القطاع الخدماتي فقط.

الجزائر / توفيق بوقاعدة