بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 ديسمبر 2011

Scientists find desert cure for date disease


Toufik Bougaada

 28 December 2011
ALGIERS] Poisonous plants from the Sahara desert have proven effective in killing a fungus that is ravaging date palms in Algeria and Morocco ― raising hopes that a cure might finally have been found for the century-old problem.

An Algerian research team said that four plants are effective against the fungus that causes Bayoud disease. The fungus, which spreads mostly through root contact, can currently only be tackled by isolating healthy palms from diseased counterparts. It has been termed a "plague to Saharan agriculture" by the UN Food and Agriculture Organization (FAO).

The team, from Béchar University, tested extracts from the plants, which grow in the Algerian Sahara desert. People of south-west Algeria use the extracts as an antifungal traditional medicine.

The extracts successfully inhibited growth of Fusarium oxysporum forma specialis albedinis (FOA), which causes Bayoud disease.

The team, led by Abdelkrim Cheriti, director of the university's Phytochemistry and Organic Synthesis Laboratory (POSL), announced its results at a press conference last month (11 November) and says it has a paper in press.

Cheriti pointed out that most desert plants produce substances that help them adapt to their environments and fend off diseases.

"We had the idea of using such metabolites, found in plants that grow in the same environment as the date palms and are able to resist Bayoud, to create an effective treatment for date palms," he told SciDev.Net.
A field trial of the treatment began in October in south-west Algeria and results are expected within three years.
"Bayoud inflicts serious damage on the production of dates in Algeria and North Africa, it has nearly wiped out many of the best strains of the tree that yield high quality dates," Ben Aichi Bachir, professor of economics at University of Mohamed Khidar Biskra, in Algeria, told SciDev.Net.

He added that "the new natural treatment, if approved after large-scale experiment, could help increase production of dates in the region, while decreasing their production costs". The new approach would be cheaper than current approaches to tackling the disease, he said.

But Nadia Bouguedoura, director of the laboratory of research in arid zones at Algeria's University of Sciences and Technology Houari Boumediene, cautioned that all new approaches to tackling Bayoud disease are still in the preliminary phase.
Bouguedoura said that the treatment is "a serious step on the road for finding a fundamental solution to the disease", but added that the research still "needs to be tested on the ground to confirm its results".
"Until it is approved, genetic control by breeding tree strains resistant to Bayoud disease remains the only valid way [of controlling the disease]," she said.

According to the FAO, the Arab states are the main producers and exporters of dates. Around 70 per cent of the 120 million date palm trees are found in Arab countries, with an annual production value of more than US$1 billion.

It says that "the disease continues to advance relentlessly to the east" and that "it will certainly pose serious problems of human, social and economic nature to other date-producing areas of the world".

الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

الصحافيون في الجزائر ينتفضون ضد قانون الإعلام الجديد

يشن الاعلاميون الجزائريون حملة واسعة من أجل الضغط على الحكومة والبرلمان الجزائري للتراجع عن المصادقة النهائية على قانون جديد للإعلام. السلطات تدافع عن القانون ومنتقدوه يقولون إنه سيحول مهنتهم إلى "جحيم".


هدد صحافيون جزائريون باللجوء إلى الاحتجاجات والاعتصامات في الأيام المقبلة، ما لم يتم إعادة النظر في القانون الأساسي للإعلام، منتقدين الطريقة التي صيغت بها بنود القانون الجديد والكيفية التي تمت بها تزكيته من طرف نواب المجلس الشعبي الوطني، واعتبروا أن القانون جاء بخلفية "أمنية بحتة"، ويركز على المحاذير والممنوعات وهو ما يؤكد، برأيهم، "عدم وجود إرادة سياسية حقيقة للارتقاء بقطاع الإعلام ليكون ركيزة أساسية في بناء الديمقراطية بالجزائر".

ويأخذ الصحافيون الجزائريون على القانون الجديد للاعلام "تراجع الحكومة وتنكرها للمكاسب وهوامش الحرية" التي جاء بها قانون الإعلام لسنة 1990، كالمادة 14 المتضمنة حرية إنشاء الجرائد والنشريات وكذا المادة 34 التي تنص على مادة الضمير والحق في الاحتفاظ بسر المهنة، وأن المجلس الأعلى للإعلام المنتخب أغلب أعضائه من طرف الصحافيين.
وكان المجلس الشعبي (مجلس النواب) قد صادق منتصف شهر ديسمبر /كانون الأول الحالي، على قانون الاعلام الجديد وأحيل على الغرفة الثانية للبرلمان للمصادقة عليه، ليصبح بذلك قانونا نافذا، ما لم يحدث تراجع عنه، استجابة للضغوط والاحتجاجات المتواصلة ضده. وقد قلَل ناصر مهل وزير الاتصال الجزائري من الانتقادات الموجهة للقانون الجديد، واعتبره "مدخلا أساسيا للاصلاحات في البلاد ولتحرير القطاع السمعي والبصري" الذي يضم الاذاعات والقنوات التلفزيوينة.


الصحافي مازال مهددا بالسجن

يرى الصحفي رياض بوخدشة أن وأن الإجراءات الرقابية الموجودة في المشروع لا تضمن للمواطن أي شيء يتعلق بالحق في الإعلام إذا كان الصحافي والصحيفة مهددين بالتوقيف والزوال.ويرفض الصحافيون في القانون الجديد بعض المواد "الغامضة" وخاصة  المتعلقة بحرية الوصول إلى مصادر المعلومات والمشروطة بالابتعاد عن المعلومات التي تحمل طابع "الدفاع الوطني" و"أمن الدولة والسيادة الوطنية، ومواد أخرى تتعلق بعقوبات مالية ضخمة ضد الصحفي في حال "ألحق ضررا بواسطة كتاباته برؤساء الدول الأجنبية والبعثات الدبلوماسية في الجزائر" وتصل الغرامة إلى 500 ألف دينار (5000 يورو)، وهو ما يجعل حبس الصحافي عمليا لا زال قائما، حيث لا يوجد صحافي في الجزائر قادر على دفع هذه الغرامة المرتفعة.

 ولم يحدد القانون بشكل واضح مفهوم جنحة الصحافي والتي يمكن للسلطة المسؤولة عن القطاع تفسيرها على حسب المقاس، وهو ما يؤشر إلى زيادة التضييق على حرية العمل الصحفي من خلال "الرقابة الذاتية المفرطة" التي يمارسها الصحافي في كتاباته، والابتعاد عن مواضيع الفساد المرتبطة بالدوائر العليا في السلطة، خاصة وأن القانون لا يجبر الإدارات والمؤسسات على الامتثال لحق الصحافي في الوصول إلى المعلومة. كما تنص المواد أيضا على عقوبات مالية في حال قدرت السلطات، أن ما كتبه الصحافي يكشف " سرا قضائيا" بخصوص قضايا شخصية مثل الإجهاض والطلاق و..، وعلى عقوبات أيضا في حال كتب صحافي مقالا يُفسر على أنه"إضرارا بالسياسة الخارجية ومصالح البلاد الاقتصادية".


ويرى الصحافي رياض بوخدشة الناشط بمبادرة "كرامة الصحفي"، أن القانون تحدث في بدايته عن حق المواطن في الإعلام "لكنه لا توجد به أي مادة تنص على كيفية تجسيد هذا الحق، وأن الإجراءات الرقابية الموجودة في المشروع لا تضمن للمواطن أي شيء يتعلق بالحق في الإعلام إذا كان الصحافي والصحيفة مهددين بالتوقيف والزوال، فالقانون في جوهره لا يكرس الحريات الإعلامية ولا يضمن تطوير المهنة وحماية الصحافي مهنيا واجتماعيا".


 وقد قلَل ناصر مهل وزير الاتصال الجزائري من الانتقادات الموجهة لمشروع القانون الجديد، وأكد أن هذا الأخير، وبعد المصادقة عليه من طرف الغرفة الثانية للبرلمان سيضيف الكثير للمشهد الإعلامي الوطني لا سيما من خلال فتح مجال السمعي البصري على القطاع الخاص الوطني، وأوضح مهل في كلمة له عقب مصادقة نواب المجلس الشعبي على مشروع قانون الإعلام أن هذه الخطوة "تندرج ضمن برنامج الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية والتي تهدف إلى تدعيم المسعى الديمقراطي وفتح آفاق جديدة في ممارسة الحريات الجماعية والفردية". واعتبر وزير الاتصال ان "هذه الديناميكية السياسية شاهد على الالتزام الصارم والمتواصل للارتقاء ببلدنا إلى مصاف الدول الديمقراطية ليصبح تحترم فيه القيم العالمية لحقوق الإنسان والحرية خاصة حرية التعبير".
 بينما يرى الدكتور ناصر جابي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر  "أن النظام السياسي في الجزائر لا يعول كثيرا على الإعلام في تعزيز مشروعيته وأركانه، فهو مركز على وسائل أخرى مثل المال والتوزيع الاجتماعي للخدمات"، ويضيف جابي في حوار لموقع دويتشه فيله "وهذا ما يفسر الوضعية الكارثية التي يوجد عليها قطاع الصحافة العمومي، فجرائد الحكومة لازالت ضعيفة التأثير والتوزيع كـ"الشعب" والمجاهد، وحتى التلفزيون لا يهمه وضعه، بالرغم من الأهمية التي يعطيها له في بعض المناسبات".

 
ويؤكد جابي "أن الإعلام في الجزائر لا يشكل أي خطر على مشاريع السلطة ومصالحها، والدليل أنها مررت القانون الجديد بالرغم من المعارضة الواسعة له من طرفي المهنيين" موضحا ان الاعلام في الجزائر يخضع لهيمنة السلطة، وهي "تلجأ إليه عند الحاجة فقط، لذلك فهي تسعى من وراء القانون الجديد الإبقاء على حالة الضعف التي هو عليه"، مشيرا أن ضعف منظومة الإعلام الداخلية تكاد تكون خاصية لدى أغلب الأنظمة العربية التي سقطت فالقذافي مثلا صرف مليارات الدولارات على إعلاميين عرب وأجانب في الخارج لكنه لم يبن منظومة إعلامية تدافع عنه عندما كان في أمس الحاجة لذلك.

ومن جهته يشير الإعلامي مروان الوناس أن حرية الإعلام في الجزائر لا تزال "رهينة المصالح التجارية والتوجهات السياسية للبلاد، كما أن الوضعية الاجتماعية الكارثية للصحافي والتعسف المهني المفرط الممارس في قاعات التحرير يجعل الكلام عن الحرية الإعلامية في الجزائر درب من الوهم الذي تسوقه بعض الأطراف في السلطة"، ويضيف الوناس ان"حرية التعبير لا تزال أسيرة وضع محكوم بالفوضى جراء ضعف القوانين المنظمة للعمل الإعلامي، والنشاط النقابي يكاد ينعدم في قطاع الصحافة لاستحالة تشكيل نقابات مهنية قوية في ظل الظروف التي سادت القطاع منذ سنوات".

و حول التحركات المزمع القيام بها لسحب القانون أو إدخال التعديلات التي يطالب بها الصحافيون، يقول رياض بوخدشة "نحن نتعامل مع وزارة فاقدة للصلاحيات، لذلك قدمنا طعنا في قانون الإعلام المصادق عليه في 14 ديسمبر الحالي إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، وجددنا التمسك برفع مراسلة تظلم لرئيس الجمهورية". وفيما يتعلق بخيارات التحرك المطروحة، يضيف بوخدشة "أنها متعددة قدمها صحافيون، وسنناقشها خلال الجمعية العامة التي تعقد يوم الأربعاء 28 ديسمبر، وتتمثل هذه الخيارات في الإضراب والذهاب إلى أيام بدون صحافة أو اعتصام مفتوح بساحة حرية التعبير إلى غاية تحقيق المطالب"، وبالموازاة طرحت المبادرة فكرة جمع توقيعات 1000 صحافي من مختلف المؤسسات الإعلامية للمطالبة بمراجعة القانون، و"فتح نقاش موسع لدراسة واقع المهنة و المهنيين، والعمل بكل الوسائل المشروعة لإقناع الحكومة على سحب القانون وتعويضه بآخر يكون ثمرة نقاش وطني عميق وجاد يكرس الحقوق و الحريات".

 
توفيق بوقاعدة – الجزائر

الجمعة، 16 ديسمبر 2011

قانون جديد في الجزائريحظر جبهة الانقاذ الإسلامية يعيد الجدل حول المصالحة

حسم نواب المجلس الشعبي الوطني ( الغرفة السفلى في البرلمان الجزائري ) في ملف عودة قيادات حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظور إلى النشاط السياسي، فقد صوتت الأغلبية الثنائية المكونة من حزبي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي على قانون الأحزاب الجديد، الذي تضمنت المادة الرابعة منه منعا صريحا "لكل الأشخاص الذي تورطوا في العنف خلال العشرية السوداء"، وهو ما أثار ارتياحا للبعض وموجة انتقادات للبعض الآخر من الذين يعتبرون السلطة أيضا طرفا "مسكوتا عنه" في المأساة التي شهدتها الجزائر خلال عقد التسعينات، إثر إلغاء الانتخابات التي فاز فيها جبهة الانقاذ الإسلامية، بإيعاز من المؤسسة العسكرية.

وقد قطعت المادة الرابعة من قانون الأحزاب الجديد المصادق عليه من طرف أغلبية نواب المجلس الشعبي الوطني، الطريق أمام عودة نشطاء وقيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة للعمل السياسي، سواءاً بتأسيس حزب جديد أو إعادة بعث الحزب المنحلّ أو بتولي مناصب قيادية في أحزاب سياسية أخرى، واسدل بذلك الستار على القراءات المتعددة لميثاق المصالحة الوطنية والتجاذبات التي عرفتها الطبقة السياسية خلال السنوات الأخيرة بين مطالبين بضرورة إعادة إدماج نشطاء الحزب المحظور في العمل السياسي وبين الرافضين بشدة لذلك، لكن استطاع الطرف الأخير أن يفرض منطقه على التيارات المؤيدة ويمرر المادة الرابعة التي تنص على"منع تأسيس حزب سياسي أو المشاركة في تأسيسه أو في هيئاته المسيّرة على كل شخص مسؤول عن استغلال الدين الذي أفضى إلى المأساة الوطنية"، وجاء في إحدى فقرات المادة أيضا أنه "يمنع من هذا الحق كل من شارك في أعمال إرهابية أو في تنفيذ سياسة تدعو للعنف والتخريب ضد الأمة ومؤسسات الدولة".

كل منافذ عودة الجبهة الإسلامية أغلقت

ودفاعا عن مشروع الحكومة الجديد لقانون الأحزاب في اللجنة القانونية بالمجلس الشعبي الوطني، قال دحو ولد قابلية وزير الداخلية والجماعات المحلية إن أحكامه "تسعى لضمان حرية إنشاء الأحزاب السياسية في إطار القانون والتعبير الحر عن آرائها ومشروعها وحرية نشاطاتها شريطة ألا تستغل هذه الحرية في إنشاء حزب قد تم حله".
وسعيا من السلطات الجزائرية لعدم تكرار النموذج الفكري والإيديولوجي لـ "الحزب المحظور" مستقبلا، فقد ضمنت القانون الجديد في المادة العاشرة نصا صريحا يمنع استلهام برنامج أي حزب سياسي من "برنامج عمل حزب سياسي محل قضائيا".


وفي مواقفها الأولية عقب التصويت على مشروع القانون عبرت قيادات الحزب المحظور عن سخطها على القانون الذي رهن حريتهم السياسية –حسب تعبيرهم-، واعتبروه "خرقا صارخا لحقوق الإنسان وانتهاكا للأعراف والمواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية، وهددوا باللجوء إلى المحاكم الدولية المختصة لمقاضاة النظام الجزائري. وجاء في البيان الذي وقعه رئيس الجبهة عباسي مدني  أن السلطة تسعى إلى "ترسيم إقصاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ وحرمان إطاراتها من ممارسة حقهم الطبيعي والمشروع في الممارسة السياسية، واغتصاب حقوقهم السياسية والمدنية".

ومن جانبه، اعتبر القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني قاسة عيسى "أن قانون الأحزاب الجديد  يشكل تقدما كبيرا في الممارسة السياسية للأحزاب بالجزائر، وتكريسا لدولة القانون"، أما فيما يتعلق بالمادة الرابعة منه فأضاف الناطق باسم حزب جبهة التحرير لدويتشه فيله" المادة جاءت في مسار تطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي أيده أغلب الشعب الجزائري في الاستفتاء، وعلى أساس ذلك فلا مكان لأولئك الذين تسببوا في عشرية الدم والدمار التي لحقت بالجزائر على الخريطة السياسية".  


الإصلاحات والهاجس الأمني

 وفي تعليقه على قانون الاحزاب والذي أصبح يصطلح عليه من قبل الصحافة الجزائرية بقانون المنع، يقول الصحافي عبد الرزاق بوالقمح لدويتشه فيله" أن كل مشاريع الإصلاح التي قامت بها السلطة في الجزائر، سواءا المشاريع السابقة أو الراهنة نجد أن ظل الأزمة الأمنية ماثلا فيها"، ويضيف بوالقمح "إن روح وفلسفة القانون الجديد للأحزاب تعاملت بها السلطة منذ اندلاع الأزمة الأمنية سنة 1992، فنجد ذلك في دستور 1996 والقانون العضوي للأحزاب سنة 1997، وكذلك وثيقة "الإفراج المشروط" عن القيادات السياسية للجبهة الإسلامية المسماة "الممنوعات العشر" سنة 2003، وتكرست هذه الفلسفة أكثر في ميثاق المصالحة الوطنية، لذلك أرى أن المادة الرابعة والعاشرة من مشروع القانون تدخل في إطار الإجراءات الاحترازية التي تنتهجها السلطة، والإبقاء على خيوط اللعبة السياسية تحت سيطرتها خوفا من تكرار الأزمة التي مرت بها البلاد ".

أما الصحافي والمحلل السياسي بجريدة صوت الأحرار رياض هويلي، فيرى أن المادة الرابعة التي تمنع قيادات الفيس ونشطائه من العودة للعبة السياسية، ما هي إلا تكريسا للمادة 26 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وما جاء في مشروع قانون الأحزاب أملته فقط "حاجة السلطة إلى آلية قانونية تشريعية، لتقنين المبدأ، وصد أي محاولة لعودة رموز الإسلام السياسي الراديكالي للمجال السياسي".


"القانون غير دستوري"
 واعتبر الحقوقي مصطفى بوشاشي أن نص المادة الرابعة من قانون الأحزاب غير دستوري، لأنها تحرم مواطنين جزائريين من حقوقهم السياسية بنص قانوني وليس بحكم قضائي، وهو خرق فاضح للحقوق الأساسية التي ينص عليها أي دستور في العالم، وناشد بوشاشي في اتصال مع دويتشه فيله، الجهات المخولة برفع التماس للمجلس الدستوري لتعطيل مشروع القانون.
ومن جهته، أكد بوجمعة غشير رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن القانون تحدث عن جانب واحد فقط من المتسببين في "المأساة الوطنية وأغفل دور الطرف الآخر الذي هو السلطة والنظام الذي لم تتحدث عنه المادة إطلاقا، فالمسؤولية في المأساة الوطنية مشتركة –يقول غشير- وحدثت تجاوزات وأخطاء وكوارث من الطرفين، لذلك فإنه من غير المنطقي إقصاء طرف وإغفال الطرف الآخر".
و يفسر هويلي ذلك بالغموض الذي لازال يلف ميثاق المصالحة،" لأننا نحدد لحد الآن من هم أطراف الأزمة التي جرت المصالحة بينهم؟، وهو ما يعيد الجدل حول المصالحة وآلياتها ومضامينها للمشهد السياسي مستقبلا. ويعتقد بوالقمح أن المخاوف التي تسوقها السلطة  لبقايا "الفيس"، مبالغ فيها، لأن هذا التيار تلاشى اجتماعيا وسياسيا مع الوقت بسبب عدة عوامل منها عزلة قيادته عن الشارع، وعدم صلاحية الخطاب الراديكالي المنغلق -المتخوف منه- لاستقطاب الشباب الجديد المتفتح على كل ثقافات العالم.

توفيق بوقاعدة - الجزائر

الأحد، 11 ديسمبر 2011

الإسلاميون الجزائريون ينتظرون ربيعهم

بعد حقبة من التأرجح في علاقة النظام الجزائري مع الأحزاب الإسلامية، بين المواجهة والمهادنة والمشاركة. تبدو الجزائر بمثابة جزيرة وسط دول الربيع العربي التي يحقق فيها الإسلاميون انتصارات انتخابية. فما مصير إسلاميي الجزائر؟

 أعاد الفوز الكاسح الذي حققه الإسلاميون في عدد من دول شمال افريقيا، في الانتخابات مؤخرا الجدل حول مستقبل حركات الإسلام السياسي في الجزائر في المرحلة المقبلة، وتضاربت القراءات حول تأثير هذه الموجة التي افرزها  الربيع العربي على علاقة السلطة الجزائرية بالأحزاب الإسلامية، التي تأرجحت في السنين الماضية بين خيارات ثلاث العنف المسلح والمقاطعة والمشاركة في خيارات السلطة ومشاريعها.

يرى يوسف حريش الطالب الجامعي، "بأن الجزائر لن تكون الاستثناء في العالم العربي، وأن الأحزاب الإسلامية ستحقق انتصارات مماثلة لما حققه هذا التيار في مصر وتونس والمغرب، في حال حدوث انتخابات نزيهة وشفافة، فالنخب الإسلامية اكتسبت خبرة خلال العقدين الآخرين تمكنها من التعاطي مع مختلف القضايا بشكل إيجابي".

ويعتقد عبد الرحمان (42 سنة) أستاذ الفيزياء بثانوية عمر راسم بالعاصمة "ان لجوء أحد أهم الحركات الإسلامية للعنف في بداية التسعينيات أفقد الإسلاميين التعاطف والتأييد الشعبي الذي كان في بداية الانفتاح السياسي، وأنا واحد من هؤلاء، حيث لم نعد نثق في الحركات الإسلامية، بما فيها تلك التي نبذت العنف، وسارت في خيارات السلطة"، ويضيف عبد الرحمان لدويتشه فيله "الإسلاميون  في الجزائر لا يختلفون عن الوطنيين والديمقراطيين واليساريين، وغيرها من التيارات، فالجميع لا يعملون من أجل مصلحة الشعب بل لخدمة مصالحهم الشخصية". ويقول السعيد (30 سنة) التاجر بحي بلكور بالعاصمة إن"الشعب فقد الثقة في الأحزاب الإسلامية الموجودة حاليا، وفي غيرها من الأحزاب، فنحن بحاجة لأحزاب جديدة سواء إسلامية أو وطنية تحقق لنا مطالبنا في العدالة والتنمية والنهوض بالمجتمع والاقتصاد، أما إذا بقي الأمر على ما هو عليه فلن يذهب أحد للتصويت أصلا".

وتتفاوت تقديرات الأحزاب الإسلامية بالجزائر حول حقيقة قاعدتها الانتخابية، وما يمكن أن تحصل عليه في حالة تنظيم انتخابات ديمقراطية وشفافة، وتطمح قيادات هذه الأحزاب إلى تكرار السيناريو التونسي والمغربي، خاصة والأحزاب الإسلامية الجزائرية كانت السباقة في التعاطي مع السلطة وصناديق الاقتراع منذ أكثر من عقدين.

الإسلاميون متفائلون بالمستقبل 

ويقول محمد جمعة الناطق باسم حركة مجتمع السلم، الذي يشارك منذ سنوات في الحكومة، "إن ما حدث في مصر وتونس والمغرب أمر يدعو للتفاؤل والثقة في نفس الوقت، لأنه يؤكد نجاح التيار الوسطي الذي حملنا دوما شعاره ودعونا لمبادئه، ملاحظا ان"التجربة الجزائرية في الانتقال الديمقراطي لها ما يميزها عن بقية الأقطار، وما عرفته البلدان العربية سيؤثر سلبا أو إيجابا على مستقبل الأحزاب الإسلامية الجزائرية، وذلك حسب المآلات التي ستصل إليها هذه التحولات في المستقبل القريب، وما ستسفر عنه الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية".

 ويضيف جمعة لدويتشه فيله "ما نريده في هذه المرحلة، هو تحول سلمي وهادئ عبر إصلاحات سياسية عميقة وشاملة، بعيدا عن الصراعات الإيديولوجية وسياسة الإقصاء لأي طرف"، وحول حظوظ حركته في الخريطة السياسية المقبلة، يؤكد جمعة "إن الحركة تتبنى دوما خطابا مطمئنا للجميع، وهو ما لمسناه من خلال الإقبال الكبير للمواطنين على الحركة عبر مختلف أنحاء الوطن".

الحكم لن يكون للإسلاميين وحدهم

 ويعتقد الإسلامي المعارض، عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة والتنمية (قيد التأسيس) "بأنه من السابق لأوانه الحديث عن فوز الإسلاميين في الجزائر من عدمه، ولا زال يفصلنا عن هذه الانتخابات ستة أشهر ستكون حبلى بالأحداث والقوانين التي ستحدث طبيعة اللعبة السياسية في هذه المرحلة"، وقال جاب الله لدويتشه فيله إن "كل المؤشرات الوطنية والدولية تؤكد بأن الإسلاميين هم من سيحكمون المرحلة القادمة"، وقال جاب الله في تصريحات له "أن أحزاب التحالف تتخوف من اعتماد أحزاب جديدة، لأن ذلك سيسحب البساط من تحت أقدامها، فهم يدركون جيدا بأن لا مصداقية لهم في الشارع الجزائري"، وفي رسالة طمأنة لخصومه، قال جاب الله" إننا لم نتبنى يوما طرح إقصاء الأخر، فنحن لا نحكم لوحدنا لو فزنا بالانتخابات".


أما  الهاشمي سحنوني أحد مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، فأكد لدويتشه فيله بأن النجاح الذي حققه الإسلاميين يمكن أن يحدث في كل البلاد العربية، إذا ما أتيحت حرية الاختيار للشعب، ويضيف"لقد حصل الإسلاميون في الجزائر سنة 91 على الأغلبية الساحقة، وسيتكرر نفس المشهد اليوم إذا تمت هناك انتخابات في ظل الشفافية والنزاهة، لكن للأسف السلطة لا تريد ذلك، فقد كنا نتوقع إصلاحات حقيقية، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماما"، ويؤكد الشيخ سحنوني بأن حكم الشعب قادم "وعلى السلطة فتح الأبواب أحسن من أن تفتح بطرق أخرى".
وكان حزب جبهة الإنقاذ الإسلامية قد فاز في الانتخابات التشريعية في الجززائر سنة 1991، لكن العسكر اقدوا على إلغاء المسار الانتخابي، وفرضوا قوانين الطوارئ، مما أدخل البلاد في عشرية دموية، سقط خلالها زهاء ربع مليون شخص. ويرى محللون في مأساوية أحداث عشرية التسعينات تفسيرا فيما يشهده الشارع الجزائري من حذر وخوف منذ اندلاع الثورات في محيطه الاقليمي.

مشهد إسلامي لخدمة مستقبل الحكم

ويعتقد الدكتور محمد بوضياف بجامعة مسيلة بأن الربيع العربي أعطى للشعوب العربية هامشا للحرية في إعادة ترتيب نظمها بعيدا عن هيمنة وترتيبات الحاكمين الفعليين، وفيما يتعلق بالحركات الإسلامية في الجزائر يقول بوضياف " أنها مازالت مجموعة ثقافية بعيدة كل البعد عن تعاطي السياسة بشكل شامل وصحيح ، فهي حاضرة فقط في المسائل المتعلقة بالهوية والثقافة لكنها غائبة تمام الغياب لما يتعلق الأمر بالاقتصاد والمال والسياسة الخارجية" ويضيف بوضياف لدويتشه فيله"في اعتقادي أن السلطة ولتفادي أن تبدو شاذة عن المشهد العربي ستعمل على إنتاج مشهد إسلامي وتوظف الأحزاب الإسلامية في خدمتها كما وظفت الكثير من الأحزاب لتزكية التعددية الشكلية في المرحلة السابقة".

 أما الدكتور مصطفى صايج أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر3 فيرى بأن المشهد الذي حدث في بعض البلدان العربية لن يتكرر هنا لاختلاف البيئة وطبيعة العلاقة بين الحكم والإسلاميين،"فقد شاركت قوى سياسية إسلامية في الحكم خلال السنوات الماضية، وهو ما جعل الجزائريين يختبرون قدرة الإسلاميين في إدارة الشأن العام، ولم يختلفوا عن غيرهم، بالإضافة إلى الانقسام الذي تعرفه الحركة الإسلامية التي تتنافس على قاعدة انتخابية واحدة، مما يشتت قوتهم في أي موعد انتخابي لاحق". ويضيف صايج "إن التجربة الطويلة لمرحلة "الانتقال الديمقراطي" المستمرة لأكثر من 22سنة جعلت المواطن الجزائري يراجع الكثير من خياراته، فلم يعد خطاب الهوية ولا شعار الإسلام هو الحل محدد أساسي في خياراته الانتخابية".

ويذكر أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 12 عاما، أعلن في الآونة الأخيرة سلسلة اصلاحات سياسية، لكن لم يحدث تقدم فيها وينظر لها قطاع مهم من الشارع والطبقة السياسية على أنها مجرد وعود لإحتواء تداعيات الربيع العربي. فيما تستمر المؤسسة العسكرية في الامساك بخيوط اللعبة من وراء الستار.

المبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي

I’initiative nationale
Pour la dignité du journaliste
اللجنة الوطنية للتنسيق والمتابعة

بــيـــان

اجتمعت لجنة التنسيق والمتابعة للمبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي يوم 10 ديسمبر 2011، بدار الصحافة الطاهر جاووت بالجزائر العاصمة، وتناول الاجتماع النقاط التالية:
1- تقييم أداء المبادرة على مدار تسعة أشهر مضت على نشأتها.
2- البت في قضايا تنظيمية.
3- مناقشة موقف المبادرة من مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام.
4- دراسة واتخاذ المواقف المناسبة إزاء الوضعية الاجتماعية للصحافيين.
وبعد نقاش مستفيض خلص الاجتماع إلى مايلي:
1- تسجيل خيبة أمل كبيرة وسط الصحافيين بشأن مضمون مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام سيما في جانبه المتعلق بحماية وترقية المهنة والاستجابة لتطلعات الصحافيين.
2- تسجيل تفاقم مظاهر التعسف المرتكبة ضد الصحافيين داخل قاعات التحرير.
3- تسجيل تخلي وزارة الاتصال عن وعودها وعدم التزامها بما تعهدت به من استجابة للمطالب المهنية والاجتماعية التي رفعتها المبادرة، والتي على أساسها تم تعليق الوقفة الاحتجاجية التي كانت مقررة أمام مقر الوزارة يوم 21 جوان 2011.
وعلى ضوء هذه المعطيات،
1- تحمل المبادرة الوطنية من أجل كرامة الصحفي نواب الشعب مسؤولية "عدم تضييع فرصة استدراك النقائص التي انطوى عليها مشروع قانون الإعلام"، وتدعو الصحافيين إلى وقفة احتجاجية يوم 14 ديسمبر 2011 أمام مقر المجلس الشعبي الوطني بالتزامن مع موعد مصادقة الأخير على مشروع قانون الإعلام. 
2- تدعو المبادرة الوزارة الوصية للتعجيل بوضع آلية قانونية لتطبيق "شبكة أجور الصحافيين" في القطاعين العام والخاص، وتستنكر المبادرة تملص وزارة الاتصال من مسؤولية تنظيم القطاع الخاص.
3- تدعو المبادرة وزارة الاتصال باعتبارها الوصاية المباشرة على القطاع، إلى التعجيل بوضع آلية قانونية للتكفل بمشاكل الصحافيين الاجتماعية وفي صدارتها قضية "السكن".
4- تجدد المبادرة بهذه المناسبة التي تتزامن والاحتفال بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تضامنها وتمسكها بالوقوف إلى جانب الزملاء الصحافيين في جرائد "الأحداث"، "الحياة العربية"، "الأمة العربية" وكل الصحافيين اللذين يعانون من ضغوطات وتعسف في الوسط المهني.

الأحد، 4 ديسمبر 2011

قصبة الجزائر تصارع الزمن والإنسان من أجل البقاء



استبشر سكان القصبة بالجزائر العاصمة خيرا بالمخطط الذي أعدته وزارة الثقافة لترميم بنايات الحي المتصدعة التي يتساقط العشرات منها سنويا، ويأملون بعث روح القصبة "المحروسة" مجددا باعتبارها حاضرة تاريخية مهمة في الجزائر.


يعود تاريخ بناء قصبة العاصمة الجزائر إلى العهد العثماني، فقد وضع حجرها الأساس القائد عروج بربروس عام 1516 فيما أكمل بناءها خيدر باشا سنة 1592.وكانت القصبة أيام مجدها قلعة صامدة أمام الأعداء وجوهرة جذابة للأصدقاء، وبقيت نموذجا للعمران ومزارا للسياح ومفخرة للأجداد، لكنها عانت في السنوات الأخيرة من الإهمال، بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة، وغياب مخطط فعال لحماية هذا الموروث التاريخي والمعماري الفريد، والذي صنفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تراثا إنسانيا عالميا في عام 1992.

القصبة مهددة بالزوال

تعاني الكثير من دور وبنايات القصبة التي يقدر عددها اليوم بـ1816 بناية من تصدعات وانهيارات جزئية، الأمر الذي جعلها مهددة بالانهيار في أي لحظة على رؤوس قاطنيها، خاصة في فصل الشتاء، كما حدث في الكثير من المرات.ولفت نظرنا ونحن نجوب أزقة وحارات الحي العتيق الإهمال الكبير الذي آلت إليه البنايات والشوارع، رغم الأموال الكثيرة التي أنفقت منذ الاستقلال لإعادة ترميمها وجعلها قطبا سياحيا متميزا على غرار الأحياء والمدن العريقة في بلدان العالم.
ويقول المهندس عبد الوهاب زكاغ مدير وكالة استغلال المحميات الثقافية والتاريخية "إن السبب الرئيسي للتدهور الذي توجد فيه القصبة اليوم هو الطريقة غير سليمة التي اعتمدت للحفاظ عليها في السابق، فقد كان يتم تخصيص دراسات تدوم لسنوات وعندما تنتهي تكون غير ملائمة لوضع القصبة الجديد الذي يكون قد تدهور أكثر، ولهذا قمنا من خلال المخطط الدائم بعملية عكسية، أي عكس ما كان يحدث في السابق، فانطلقنا في تطبيق التدابير الاستعجالية ومن ثم الدراسات بكل أنواعها (اجتماعية، تاريخية، اقتصادية، باطنية، هندسية و..).

مطالبة بإشراك السكان في مشروع الترميم



من جهته يؤكد مراد بترونـي مدير الحماية القانونية للممتلكات الثقافية وتثمين التراث الثقافي "إن الوزارة جادة هذه المرة من أجل ترميم القصبة، وكل المدن التاريخية من خلال إزالة كل العراقيل والعقبات، والمرسوم التنفيذي لإعداد مخطط دائم لحماية وتثمين التراث والقطاع المحفوظ الذي سيصدر قريبا، تم فيه تبني قوانين ومفاهيم جديدة لكيفية حماية أصناف التراث المتعددة، وخاصة المدن التاريخية الحية (التي يعيش السكان بها)، ويضيف بترونـي لدوتشيه فيله، "لقد واجهتنا صعوبات كبيرة في حماية هذه المدن التاريخية، لأنها لم يكن معترف بها قانونيا كمعالم بحاجة إلى حماية، لكن هذا القانون سوف يتيح لنا صيانة هذا الإرث الثقافي والتاريخي وفق مخططات مدروسة بدقة من قبل مكاتب دراسات مختصة، للمحافظة عليها طبقا للحالة الأولى التي كانت عليها"، و عن دور اليونسكو في هذه العملية يقول بتروني" اليونسكو ليست جهة مانحة للأموال من أجل الترميم، فنحن نعتمد عليها فقط في تقديم الخبرة وتكوين المهندسين والخبراء فقط".
ويشتكى سكان القصبة الذين التقينا بهم من التباطؤ في تنفيذ مخططات الترميم، وعدم إشراكهم في إعداد المخططات وتنفيذها، كما عبروا لنا عن تخوفاتهم من التلاعبات التي تحدث في مشاريع الترميم من طرف المسؤولين المحليين. ويقول عبد القادر (44 عاما)، "نطالب بأن نكون أحد الأطراف الرئيسية في عملية الترميم لأن العملية في النهاية تخصنا نحن السكان الأصليين، وذلك حتى نضمن عدم التلاعب بالمخطط كما كان يحدث كل مرة، ترمم عمارات القصبة على الأوراق فقط، دون أن يحدث ذلك في الواقع".

اليونسكو توجه إنذارات للجزائر



ويري بلقاسم باباسي، رئيس مؤسسة القصبة والباحث في تاريخها، إن المخطط المرجعي الذي وافقت عليه وزارة الثـقافة لترميم القصبة جاء في وقته، خاصة و إن اليونسكو وجهت عدة إنذارات للجزائر جراء الإهمال الذي طال المصنف العالمي وسوف ينقذ الحي من خطر الزوال الذي يتهدده بسبب عوامل عديدة منها الزمن، الطبيعة والإنسان. ويؤكد باباسي في حديثه لدوتشيه فيله أن"المرسوم التنفيذي المزمع صدوره خلال الأيام القادمة لتطبيق مخطط إنقاذ القصبة سيعطي لعملية الترميم القيمة الرمزية التي تستحقها، يمكننا من تجاوز القصور والنقص الذي كان موجودا على مستوى النصوص القانونية التطبيقية الملزمة، فإنقاذ القصبة عملية تتجاوز ترميم البنايات، بل أكثر من ذلك". ويضيف باباسي"إن القصبة فلسفة حياة وروح تعيش في أزقة المدينة وحاراتها، ساهم التاريخ في صقلها، وحفظها إلى غاية الأزمنة الحديثة.
من جهته يقول عمي دحمان (67 سنة) الذي وجدناه أمام منزله بالقرب من جامع كتشاوة، "لم تعد القصبة مثلما كانت في الماضي، لقد طغت الأوساخ والقاذورات على الماضي العريق، أين كانت القصبة، قلعة الثوار خلال الفترة الاستعمارية، ومنها اندلعت الشرارة الأولى لمعركة الجزائر الشهيرة، ومن أزقتها وحاراتها خرج الفنانون والمبدعون في شتى المجالات، لكن للأسف لقد رحل سكانها الأصليون إلى أحياء جديدة، ولم يعودوا يزورونها، وظلت القصبة هيكلا يتداعى دون روح".

الملكية... العائق الأخير

تواجه وزارة الثقافة  الجزائرية في مشروعها لترميم القصبة مشكلة الملكية، حيث تعود 95 بالمائة من البنايات إلى الخواص، الذين يرفضون ترميم بيوتهم لأسباب مادية وأخرى متعلقة بالنزاعات بين الورثة، وهو ما يطرح مشكل تحديد المالكين الحقيقيين للكثير من البنايات. وصرح عبد الوهاب زكاغ للإذاعة الجزائرية أن "140 مالك تعرضت منازلهم للتصدع قد تقدموا أمام وكالة استغلال المحميات الثقافية والتاريخية بملفات بغرض بيع منازلهم للدولة أو المطالبة بمساعدة مالية لترميمها أو طلب إعادة إسكانهم". وأضاف المسؤول أنه بإمكان الدولة مساعدة المالكين"الحقيقيين"ماليا بنسبة 80 بالمائة للقيام بأشغال الترميم من خلال صندوق التراث.كما أشار زكاغ إلى أن أشغال ترميم منازل المالكين الذين تقدموا بملفات ستنطلق في يناير 2012 تزامنا مع المرحلة الثانية للأشغال الاستعجالية للمخطط، و يذكر أن قرابة 500 بيت مهددة بالسقوط منها 394 خضعت للتدابير الاستعجالية في المرحلة الأولى.
و يشدد صالح مزرطي الباحث في الآثار بجامعة الجزائر على أهمية إشراك جميع أبناء القصبة في المحافظة علي هذا التراث العالمي، وتنشيط الحركة السياحية من خلال إنشاء أحياء ثقافية - اقتصادية للأعمال اليدوية مثل النحاس و الفضة والذهب التي كانت تزخر بها المنطقة في السابق، بالإضافة إلى تنظيم سهرات فنية و ثقافية لربط جسور العلاقة بين المكان والإنسان، وبذلك فقط تصبح القصبة جوهرة الجزائر و مفخرتها عبر الأزمان.

توفيق بوقاعدة / الجزائر
http://www.dw-world.de/dw/article/9799/0,,15562779,00.html