بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 أبريل 2012

شبح المقاطعة يهدد نجاح الانتخابات البرلمانية في الجزائر

مخاوف في الجزائر من مقاطعة واسعة للانتخابات التشريعية القادمة. والأحزاب المشاركة تدعو الناخبين للمشاركة بقوة، فيما يتهم دعاة المقاطعة السلطات بالتضييق على حقهم في التعبير السياسي الحر، وشن حملة اعتقالات.       
أقرت أغلب التشكيلات السياسية المشتركة في الانتخابات التشريعية القادمة بفشل الحملة الانتخابية في أسبوعها الثاني، وتحدثت عن استمرار الفتور الذي خيم على الأسبوع الأول منها، وتُرجع الأحزاب سبب ذلك إلى سوء التحضير من طرف جميع أطراف العملية الانتخابية، بالإضافة إلى الظروف العامة التي تزامنت مع انطلاق الحملة، والمتمثلة في إعلان الجزائر حالة الحداد إثر وفاة الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة، وكذا الاضطرابات الجوية التي شملت عدة ولايات من الوطن. وأظهر الأسبوع الثاني للحملة -حسب مراقبين- الفقر الشديد لبرامج أغلب الأحزاب المشاركة، والتي عجزت حتى في إقناع مؤيديها بجدية طرحها وفعالية خططها في حل مشاكل الجزائريين المتجذرة في كل القطاعات، وهو ما أغرق الحملة لحد الآن في الدعاية الديماغوجية وتوزيع الأوهام على الناخبين
الحملة الانتخابية ترجح كفة المقاطعة
Main title: boycott and parliamentary elections in Algeria.

Photo title: Dr. Amer ,Mesbah a professor at University of Algeria 03

Place and date: Algiers, Algeria, April, 27, 2012.

Copy right/photographer: Toufik Bougaada
ويرى الدكتور عامر مصباح الباحث في علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر أن الطريقة التي ظهرت بها الأحزاب في الحملة الانتخابية حتى الآن رجحت موقف بعض الجزائريين المترددين لصالح المقاطعة، وأن أحزاب المعارضة والسلطة لازالت تكرر نفس الخطاب المضلل والمنمق بـ"لغة الخشب" البالية، والبعيد جدا عن طموح الجزائريين في إيجاد حلول لمشاكلهم، ودعا الدكتور مصباح الأحزاب إلى ملامسة أوجاع وهموم المواطنين اليومية والتركيز على البرنامج الاقتصادي والابتعاد عن الايديولوجيا لاستقطاب أكبر نسبة مشاركة في الانتخابات خلال ما تبقى من عمر الحملة.
ولا تزال لافتات وصور المترشحين للانتخابات تتعرض يوميا لعملية تشويه وتمزيق واستبدال بعبارات تدعو للمقاطعة من طرف دعاة المقاطعة، الأمر الذي عملت مصالح الامن إلى نصب كمائن وإلقاء القبض على الكثير منهم وتحويلهم للعدالة بتهم متعددة منها "تخريب أملاك عمومية، والتحريض على العصيان والعنف".
"أحرق بطاقتك الانتخابية"
ويشتكي نشطاء المقاطعة على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي من التضييق الذي تمارسه السلطة على حقهم في التعبير السياسي الحر المنصوص عليه في الدستور، وأن المقاطعة حق يجب أن يكفل ويحترم من طرف الجميع، وندد النشطاء بالاعتقال الذي طال 25 شخصا مع بداية الحملة الانتخابية والمنتمين إلى "حركة الشباب المستقل من أجل التغيير"- أفرج عنهم لاحقا-، عندما كانوا بصدد القيام بمسيرة تدعو للمقاطعة، كما أدانوا بشدة حجب الموقع الالكتروني للحركة التي ولدت عقب أحداث شهر جانفي 2011. و امام التضييق الممارس عليهم لجأ المقاطعون للانتخابات إلى موقع اليوتيوب وقاموا بحملة أطلقوا عليها اسم "احرق بطاقتك الانتخابية" يستعرضون فيها مبرراتهم لمقاطعة الانتخابات.
والمتجول في شوارع الجزائر يلحظ ذلك البرود تجاه الانتخابات القادمة، ويعتقد جمال، وهو شاب عاطل عن العمل، إلتقيناه في أحدى المقاهي وسط العاصمة، أن ما تقوم به السلطة لن يغير من قناعات الكثير من الجزائريين بأن الانتخابات ليست هي الحل للخروج من الأزمة التي نعيشها، بل ستزيد من عمرها، أما عثمان فيؤكد بأن "المقاطعة واجب وطني، لمن أراد خدمة وطنه، وأضاف لـDW "إن الإنسان لا يلدغ من الجحر مرتين، فقد خبرنا الانتخابات مرات كثيرة لكن في كل مرة يستعملون الشعب كجسر لنهب المال العام وإهانة كرامته في الأخير. وترى رقية أن المقاطعة هي طريقة سلمية للاحتجاج على الظلم والحرمان والفساد، وإن أرادوا أن يستمروا في حكم الجزائر فلهم ذلك، لكن لن يحصلوا على مباركتنا أبدا، وعن إذا كانت مقاطعتها استجابة لأحزاب وقوى سياسية دعت إلى المقاطعة مثل جبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة وحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، تقول رقية لـ"DW" أنا عن نفسي لا انتمي إلى أي حزب سياسي، وقرار المقاطعة جاء انطلاقا من إرادتي الحرة، ودون أي تنسيق مع أي جهة، وبناءا على ما شاهدته من مستوى أداء المترشحين خلال الحملة".
 
المؤيدون يهددون .. الانتخابات أو الناتو

ويشكك المؤيدون للانتخابات في الحجج التي يقدمها المقاطعون، ويرون في سلوكهم "عدم إدراك لطبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد، والأخطار التي تتهددها من كل جهة" ويقول وليد لـDW" إن المقاطعة موقف سلبي وفرصة لفتح باب التزوير أمام الانتهازيين، ومن واجب كل جزائري أن ينتخب ولو بورقة بيضاء لحماية صوته"، أما محمد رضا فيؤكد بأنه ينتخب فقط "لمنع وصول الإسلاميين إلى الحكم لأن ذلك سيكون كارثي علينا جميعا، وسيعيدون بنا إلى العشرية السوداء الماضية" أي إلى فترة التسعينيات.
فيما يرى مناضلو أحزاب المعارضة أن المقاطعة لن تجدي نفعاً، ويجب المشاركة وبقوة لإبعاد أحزاب السلطة عن دائرة الحكم، حيث يعتبر سليمان المناضل في حزب جبهة القوى الاشتراكية "أن المشاركة بقوة هو الحل الوحيد لتعطيل التزوير الذي تعودت عليه السلطة، وأن هذه الانتخابات سوف تكون فاصلة في تاريخ الجزائر". ودعما لخيارهم وصحة وجهة نظرهم يتناقل مؤيدو المشاركة في الانتخابات على شبكة التواصل الاجتماعي الفتوى المثيرة للجدل التي أطلقها الشيخ شمس الدين بوروبي التي توجب حق الانتخاب على الجزائريين في هذه الانتخابات دون غيرها، وخيّر الشيخ بوربي الجزائريين بين الانتخاب والناتو، وهو ما أعتبره خصوم المشاركة بـ"الدجل السياسي" وإقحام الدين في العملية السياسية قائلين إن ذلك غير مقبول لا قانونيا ولا أخلاقي.

المشاركة الواسعة لترميم المشروعية المتصدعة
  
boycott and parliamentary elections in Algeria.
Photo title: Buamama Zoheir,  political analyst and professor at  University of Annaba.
Place and date: Algiers, Algeria, January, 10, 2012.
Copy right/photographer: Toufik Bougaadaويرى الدكتور زهير بوعمامة الباحث في العلوم السياسية بجامعة عنابة، أن رهان السلطة الحقيقي في هذه الانتخابات هو المشاركة الواسعة وليس النتائج، لأنها تريد جوابا من الشعب الجزائري يبارك إصلاحاتها السياسية الأخيرة. وأن "تحقيق نسبة مشاركة مرتفعة داعم رئيسي لمشروعية النظام المهلهلة داخليا وخارجيا". وأضاف بوعمامة في حديث لـDW أن العزوف الانتخابي أصبح سمة الانتخابات الجزائرية في السنوات الأخيرة وهناك نوعين من المواطنين المتغيبين عن صناديق الاقتراع؛ الأول وهو ما يطلق عليه العزوف الإستراتيجي، ويخص مجموع الناخبين الذين يضعون انفسهم خارج اللعبة السياسية، بسبب الظروف التي مرت بها البلاد وطبيعة النظام والعملية السياسية وسوابقها، وهم لا يرون أي جدوى في الانتخابات. أما النوع الثاني الذي يطلق عليه العزوف الظرفي؛ والذي يتخذ فيه الناخب قراره بالمقاطعة او المشاركة- بناءا على حسابات عقلانية، ومدى نجاعة العروض في تلبية حاجاته، وهذا النوع يؤمن بالعملية السياسية لكنه يمتنع لعدم وجود برنامج وأشخاص يستحقون صوته الانتخابي وثقته، ويؤكد بوعمامة في آخر المطاف أن "كل المؤشرات تؤكد أن نسبة المشاركة سوف تكون بعيدة عن طموح السلطة".
توفيق بوقاعدة – الجزائر

الخميس، 19 أبريل 2012

المال الفاسد يهدد نزاهة الانتخابات البرلمانية الجزائرية


 

طالبت الأحزاب السياسية الجزائرية السلطة بضرورة الإسراع في تقديم الدعم للحملة الانتخابية بطريقة عادلة وشفافة حتى تتمكن من الترويج لمشروعها، وحذرت من سطوة المال الفاسد على الانتخابات.
باشرت الأحزاب السياسية الجزائرية والمرشحين الأحرار بداية الأسبوع الجاري حملتها الانتخابية للانتخابات البرلمانية المقررة في 10 مايو/ أيار المقبل، حيث سيعمل 44 حزباً سياسياً ومستقلون خلال الثلاثة أسابيع القادمة على عرض برامجهم السياسية ومخططاتهم المستقبلية على المستويين الداخلي والخارجي أمام الناخبين في جهات البلاد الأربعة، وسط تضارب التوقعات من سيفوز بهذه الانتخابات المفتوحة على كل الاحتمالات، ومن المتوقع أن يلعب فيها المال إلى جانب رصيد الأحزاب الجماهيري الدور الحاسم، في حالة تعطل ماكنة التزوير الانتخابي.

المال الفاسد خطر يهدد الجزائر
Main title: Money and Elections in Algeria.
Photo title: President of National Committee for Monitoring Elections.
 Place and date: Algiers, Algeria, February,28 , 2012.
Copy right/photographer: Islam Chanaa وناشدت اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التشريعية السلطة الجزائرية الإسراع بتقديم إعانات مادية للأحزاب تمكنها من القيام بالحملة الانتخابية وإقناع الناخبين بالتوجه للمشاركة بكثافة في 10 مايو/ أيار القادم للانتخاب، وقال محمد صديقي رئيس اللجنة "بعثنا برسالة لوزارة الداخلية قبل بداية الحملة الانتخابية نطالب فيها بضرورة تمويل الحملة الانتخابية للأحزاب، كما تنص المادة 203 من قانون الانتخابات، ومحاسبتها فيما بعد، إلا أننا لم نحصل على الرد حتى الآن". وأضاف صديقي في تصريح لـ dw " أن هناك خطرا على العملية السياسية وعلى الجزائر إذا لجأت الأحزاب والقوائم الحرة للأموال الخارجية أو الأموال الداخلية الفاسدة"، ودعا صديقي اللجنة القضائية المختصة إلى معاقبة الأحزاب التي قامت ببيع قوائمها الانتخابية في الولايات لأصحاب المال، ويضيف رئيس اللجنة" إذا بقيت هذه الأحزاب بدون محاسبة فسوف يأتي اليوم الذي تعرض فيه الحكومة والوزارة في المزاد للبيع سواء لجهات داخلية أو خارجية".

حملة واسعة لرصد مصادر أموال الأحزاب

وتتحدث في هذا الإطار مصادر إعلامية عن قيام مصالح الأمن المختصة بتقديم تقارير مفصلة عن مصادر أموال الحملات الانتخابية للأحزاب والقوائم الانتخابية التي تتنافس على سباق البرلمان، موازاة مع ذلك لا تزال الأرصدة البنكية لبعض الأحزاب وقادتها تحت مجهر مصالح الأمن على خلفية ورود معلومات تشير إلى حصول هذه الأحزاب على دعم مالي مشبوه منها تمويلات خارجية. وتقوم أيضا مصالح الرقابة المالية لوزارة المالية بعمليات مراقبة واسعة لحركة الأموال من والى أرصدة الأحزاب السياسية سواء عن طريق البريد أوالبنوك. كما كشف سليمان بودي، رئيس الهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات التشريعية، أن هيئته قامت بإبلاغ النيابة العامة عن 17 شكوى خاصة بتجاوزات منها "استعمال المال غير النظيف"، في الحملة الانتخابية، وقد تم تحويلها للنيابة العامة عبر مختلف المحاكم الإدارية، التي سوف تنزل عقوبات صارمة في حالة ثبت بالدليل القاطع صحة تلك المعلومات.

الردع لكل مخالف

وتوعد دحو ولد قابلية،وزير الداخلية والجماعات المحلية، في تصريحات إعلامية سابقة بإجراءات صارمة على كل حزب سياسي يمول حملته الانتخابية بطرق ملتوية بما فيها التمويل الخارجي الذي منعه مشروع قانون الأحزاب السياسية الذي اعتمده البرلمان بغرفتيه في الدورة الربيعية الأخيرة.
Main title: Money and Elections in Algeria.
Photo title: Mr.Dahou Ould Kablia, Minister of the Interior.
Place and date: Algiers, Algeria, March,21 , 2012.
Copy right/photographer: Islam Chanaa (DW-Korrespondent)وعبرت عدة أحزاب عن تخوفها من تحالف المال الفاسد مع السلطة للاستيلاء على إرادة الجزائريين عبر شراء أصوات الناخبين بمختلف الإغراءات، ورأت في لجوء بعض الأحزاب إلى بيع قوائم الترشح لرجال المال و الأعمال في الولايات مؤشرا واضحا على فساد العملية الانتخابية منذ البداية، وحول السبب وراء إقدام رجال المال والأعمال على الترشح للبرلمان يقول الدكتور سمارة نصير، الباحث في العلوم السياسية بجامعة الجزائر"لقد أصبح البرلمان المكان المناسب لعقد الصفقات التجارية، والاقتراب من أصحاب القرار على المستوى المركزي، كما يكمن السبب أيضا في حصولهم على الحصانة التي تمكنهم من التورية على نشاطاتهم المشبوهة أو استعمالها في تبييض الأموال وتهريبها إلى الخارج خصوصا إذا ما علمنا أن هذه الحصانة تجعل مختلف أسلاك الأمن لا تستطيع تفتيشهم في المطارات وفي الحدود".

"المال يسكت كل الأشياء الجميلة"

Thema  „Algerien: Schwarz-Geld zu Finanzierung des Wahl Kampfs der Parteien „ einstellen?
Die Bilder haben wir von unserem Korrespondenten in algerien Toufik Bougaada

Main title: Money and Elections in Algeria.
Photo title:  Djamel  Benabdeslam, leader of  front  new Algeria (FNA)
 Place and date: Algiers, Algeria,May,21 , 2011.
Copy right/photographer: Islam Chanaa ويتهم جمال بن عبد السلام رئيس حزب جبهة الجزائر بعض رؤساء الأحزاب بالحصول على المال الفاسد لتمويل حملتهم الانتخابية، " وأن وزارة الداخلية على علم بما هو حاصل من تجاوزات إلا أنها لم تحرك ساكنا"، وقال بن عبد السلام في تصريح لـdw "إننا نطالب بفتح تحقيق حول كل الأموال المشبوهة الموجه للحملة الانتخابية سواء من داخل البلاد أو من خارجها"، و من جهته أكد نائب حركة الإصلاح على ازدواجية تعامل السلطة مع الأحزاب، حيث تُمكن لبعض الأحزاب استغلال أملاك الدولة وتمنعها على أخرى. ويؤكد غويني في حديث ل dw " بأن اختلاط المال الفاسد مع النفوذ من شأنه تلويث الساحة السياسية، و يعيق سير المؤسسات المنتخبة بالطريقة التي يطمح إليها الشعب الجزائري"، ومن خبرته في البرلمان السابق يقول غويني " أن أصحاب المال المنتخبون أغلبهم لا يحملون مشروعا أو برنامجا يدافعون عنه، وكل همهم خلال الفترة النيابية هو تعزيز مصالحهم وتوسيع مناطق نفوذهم"، ويؤكد نائب رئيس حركة الإصلاح أن المال الفاسد المستخدم في شراء أصوات الناخبين و ذمم ضعاف النفوس و المترددين سوف يؤثر على نتائج الانتخابات، وثبت في المرات الماضية أنه "إذا تكلم المال تسكت كل الأشياء الجميلة"، وأول ضحايا هذا المال الفاسد هو الصدق في التعبير، حسب قوله.

السلطة مرهونة بالسيطرة على الثروة

Thema  „Algerien: Schwarz-Geld zu Finanzierung des Wahl Kampfs der Parteien „ einstellen?
Die Bilder haben wir von unserem Korrespondenten in algerien Toufik Bougaada

Photo 01:
Main title: Money and Elections in Algeria.
Photo title:Dr. Nassir SEMARA,  professor of political science at  University of Algiers3
Place and date: Algiers, Algeria, April,14 , 2012.
Copy right/photographer: Toufik Bougaada ويرى الأستاذ سمارة بأن هناك إحساسا عاما مشتركا بين كل الجزائريين على أن حجم الفساد السياسي والمالي في الجزائر بلغ مستويات قياسية. لدرجة أنه أصبح "موضة ونمط حياتي في الجزائر، حيث لا يستطيع أحد أن يقوم بشيء من دون الاستعانة بشبكات هؤلاء المفسدين، ويكفي أن نستدل هنا بتقرير منظمة الشفافية العالمية الذي صنف الجزائر في المرتبة 99 من 180 دولة في درجة الفساد" و يضيف الباحث لـdw بأن" زواج المال بالسياسة هو حال كل الدول الريعية حيث ممارسة السلطة مرهونة بالسيطرة على الثروة، والجزائر كدولة ريعية لا يمكنها الخروج عن هذا النمط".
توفيق بوقاعدة

الجمعة، 13 أبريل 2012

حضور مراقبين أوروبيين، هل يضمن شفافية الانتخابات الجزائرية؟

 

رحبت أحزاب جزائرية بمشاركة مراقبين أوروبيين في مراقبة الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو المقبل. لكن بعض المحللين يشككون في قدرة المراقبين الأوروبيين على لعب دور حاسم في منع عمليات التزوير التي تكررت في انتخابات سابقة
رحبت أحزاب سياسية جزائرية بمشاركة الاتحاد الأوروبي بوفد يتكون من 120 ملاحظا لمراقبة الانتخابات التشريعية في العاشر مايو/ أيار المقبل، ودعت جميع أطراف العملية الانتخابية إلى الاستفادة من خبرة الاتحاد الأوروبي في مراقبة الانتخابات في العالم لتعزيز مسار التحول الديمقراطي السلمي في البلاد، وكشف أشكال التزوير الذي شابت الانتخابات السابقة.
وبدأت منذ 30 مارس الماضي زيارة الدفعة الأولى من وفد الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات التشريعية في 10مايو/ أيار 2012 بدعوة من الحكومة الجزائرية "كضمان إضافي لرغبة السلطة في تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة تجنب البلاد الاضطرابات التي تحدث في بعض البلدان العربية"، وذكرت الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في بيان لها "أن الإتحاد الأوروبي سيرسل فريقا قوامه 120 عضوا للمشاركة في مراقبة الانتخابات البرلمانية بالجزائر، وسيعملون على المدى البعيد والقريب لضمان النزاهة والشفافية والثقة في كل مراحل العملية الانتخابية وفي جميع أنحاء البلاد.
وتجري الدفعة الأولى من الوفد الأوروبي المتكونة من 10 مراقبين بقيادة عضو البرلمان الأوروبي الإسباني "خوزي لقناسيوسلافرانكا سانشيز ناير" لقاءات مع عدد من قيادات الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات، وصرح أحد اعضاء الوفد في لقاء مع أحدى الأحزاب "أننا لا نريد البقاء أسرى لتوجهات أراء وأفكار محددة، بل نريد الانفتاح والنقاش مع الجميع حتى نستطيع تكوين صورة واضحة لمجمل ما تحقق في مسار هذه العملية وما يمكن تحقيقه لنجاحها".
دور المراقبيين الأوروبيين محدود

لخضر بن خلاف عضو اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات عن حزب جبهة العدالة والتنمية (إسلامي معارض) حضر لقاء حزبه مع الوفد الأوروبي، قال:"لقد تبادلنا الآراء حول عدد من ملفات العملية الانتخابية مع وفد الاتحاد الأوروبي، وقد لمسنا التزامهم بمراقبة الحكومة في تحقيق انتخابات وفق المعايير الدولية، وهم على معرفة واسعة بكل ما يحدث في الساحة السياسية بالجزائر قبل انطلاق الحملة الانتخابية." وأضاف بن خلاف في حديث لـ DW " أراد الوفد معرفة موقفنا من بعض الخروقات التي تم تسجيلها لحد الآن من طرف لجنة مراقبة الانتخابات، كما طالبنا الوفد بضرورة متابعة سير العملية الانتخابية عن قرب، وسجلنا أيضا ملاحظتنا في هذا اللقاء بأن العدد المقرر ارساله غير كاف للقيام بمراقبة فعلية وفعالة لهذه الانتخابات".
وتطالب أحزاب سياسية جزائرية، الاتحاد الاوروبي بضرورة زيادة عدد المراقبين بما يتناسب وعدد مراكز الإقتراع كضمان إضافي لالتزام السلطة بتعهداتها أمام الأحزاب والناخبين والمجتمع الدولي في إجراء انتخابات فاصلة في تاريخ الجزائر المستقلة، ويقول موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية (معارض)"نحن نأمل ان تقوم اللجنة الأوروبية لمراقبة الانتخابات بدورها في منع التزوير وفضحه إذا وقع، وهذا من شأنه تعزيز علاقة التعاون بين الشعب الجزائري والشعوب الأوروبية، ويخلق جسر من الثقة في المستقبل".
ولم تخف أحزاب سياسية تخوفها من طريقة عمل وفود المراقبة الدوليين، ويرون في العدد المقرر الوصول إلى الجزائر غير كاف لممارسة مهمة مراقبة هذه الانتخابات، ولذلك تطالب ذات الأحزاب بضرورة تعزيز سبل المراقبة الحزبية عن طريق خلق أطر تنيسق وتعاون بين مختلف التشكيلات الحزبية المشاركة، والتعاون مع لجان المراقبة الدولية في كشف أي خرقات أو تجاوزات تطال العملية الانتخابية من طرف الإدارة وعدم تكرار سيناريوهات الانتخابات الماضية التي وقعت فيها عمليات تزوير واسعة لم تتمكن هذه اللجان الدولية من رصدها، بل وأكثر من ذلك أعطت شرعية دولية لهذه الانتخابات المزورة في تقاريرها النهائية المرفوعة لمؤسساتها.


شكوك وتخوفات من تكرار السيناريو
ويرى النائب أمحمد حديبي الناطق بإسم حركة النهضة (إسلامي معارض)" أننا في الحزب من حيث المبدأ لا ننتظر كثيرا من المراقبين الدوليين انطلاقا من التجارب السابقة، بل نرى في هؤلاء عبء على الخزينة العمومية دون أن يقدموا إضافة تميز هذه الانتخابات عن غيرها فيما مضى"، ويضيف حديبي في حديثه لـ DW " نحن متخوفون جدا بأن يكون هؤلاء المراقبين جاؤوا لتزكية انتخابات لم تتوفر فيها شروط النجاح والشفافية، وما يحدث من صراع بين الداخلية ولجنة مراقبة الانتخابات لدليل على مواصلة السلطة في الجزائر إنتاج ممارسات الاستيلاء على صوت الناخب".
ويعتبر عثمان لحياني المحلل السياسي أن الوفد الأوروبي الأول المتكون من عشرة مراقبين هو وفد استطلاعي ستتبعه وفود أخرى على مراحل ليصل يوم الاقتراع بين 150 و160 مراقب، ومهمتهم في الأساس ملاحظة مدى التزام الحكومة الجزائرية بالمعايير الدولية للانتخابات، وليس الرقابة بالطريقة التي تتبعها المنظمة الأوروبية، ويضيف لحياني لـ DW "الجزائر لم تطلب مراقبين دوليين، وإنما ملاحظين فقط، الشروط الذي يضعها الاتحاد الاوربي لمراقبة الانتخابات غير متوفرة في الانتخابات الجزائرية ومنها، حضورهم قبل الانتخابات بأربعة أشهر، ومتابعة العملية الانتخابية في مراحلها الأولى بالإضافة إلى حرية تنقلهم في البلاد".
ويؤكد لحياني أن دور المراقبين الدوليين هذه المرة فلديه نوع من الجدية في متابعة العملية الانتخابية عن قرب ولقائهم مع الأحزاب السياسية دليل على هذه الجدية سواء من الاتحاد الأوروبي أو من الحكومة الجزائرية في أن يكون لهؤلاء المراقبين دور في تحقيق الشفافية لهذه الانتخابات.
توفيق بوقاعدة - الجزائر