بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 14 أكتوبر 2016

في الهواء الطلق.. مدارس لتعليم الطفولة الحائرة


الجزائر - تيم بوقاعد


147500897470527
يضغط على القلم بأطراف الأصابع ليرسم حرف الألف، إنه يحاول أيضا رسم الابتسامة الأمل والحلم بغد أفضل لطفولة أجبرها الكبار على تحمل جبروتهم وتجرع ويلات حروبهم ذل وخوف وفقر وحرمان.
من بوركينافاسو فر “أحمد مايقا” وعائلته كما صنعت عشرات الأسر التي هربت من جحيم الحرب، إنهم يلجأون الآن لمدرسة أسسها في شهر إبريل الماضي شباب وطلبة محافظة تيزي وزو (100 كلم شرق الجزائر)، إنها مدرسة في الهواء الطلق تعمل نهاية كل أسبوع على تعليم صغار اللاجئين القراءة والكتابة وطرق التواصل والاندماج مع السكان المحليين.
خلال أشهر قليلة حققت المبادرة نجاحا ملموسا، وبعد عرض التجربة للمرة الأولى على شبكات التواصل استقطبت الكثير من الشباب والطلبة من مختلف مناطق الجزائر.
غياب رسمي وإنسانية مفقودة
المبادرة الإنسانية الأولى من نوعها في الجزائر أطلقها ثلاثة شبان من العاصمة التي تأوي ما يزيد عن 4000 لاجئ إفريقي – بحسب تقديرات مؤسسي المبادرة، لقد ذكر المحامي عثمان بن سالم وهو مؤسس المبادرة، في حديثة لـ Clavo أن عدد اللاجئين في الجزائر يتزايد يوم بعد آخر، ويعيشون أوضاعا إنسانية سيئة في مخيمات عشوائية، في ظل غياب دعم المؤسسات والسلطات والمنظمات المعنية، ويضيف” آلمنا حقا مشاهد الأطفال يرافقون أوليائهم للتسول عبر أزقة وشوارع المدينة، فيما أقرانهم في المدارس يأخذون حقهم في التعليم”.
photo01
لقد قرر عثمان وبعض أصدقائه فعل شيء لهؤلاء والمساهمة في صنع مستقبلهم، “لقد جمعنا بعض المال لشراء أدوات مدرسية بسيطة وقمنا بتوزيعها في مخيم لهم قرب محطة المسافرين بالمدينة”، إنهم يقومون بتعليم صغار اللاجئين كيفية إمساك القلم والكراس، وبعض الأحرف والكلمات باللغة العربية والفرنسية والانجليزية والأمازيغية (اللغة المحلية لسكان المنطقة). لقد وضعوا بذلك اللبنة الأولى لمدرسة في الهواء الطلق وسط مخيمات اللجوء العشوائية.
تحديات وعراقيل..
شكلت اللغة أبرز الصعوبات التي واجهت المبادرة في مرحلتها الأولى، وبحسب مؤسسها فإن معظم اللاجئين ينحدرون من المناطق النائية  بالنيجر، مالي، نيجيريا، وبوركينافسو والجنوب الليبي ويتكلمون لهجات محلية غير معروفة، يقول عثمان: “إننا نستعمل لغة الإشارة في كثير من الأحيان، ومبادرتنا بحاجة لمترجمين أفارقة يعرفون الفرنسية أو الانجليزية”.
محتوى البرنامج التعليمي ما يزال حتى الآن مبهما، قال عثمان “لم يتم التوافق بعد على طريقة وبرنامج معين، ولا نزال نجرب أكثر الطرق والبرامج التعليمية نجاعة في تعليم هؤلاء الأطفال مع الأخذ بالخصوصيات المحلية والوضع الذي هم عليه”، ويؤكد “ما يهمنا من  المبادرة هو تمكين الأطفال من حقهم في التعلم أولا، وربط حبل التواصل بينهم وبين السكان المحليين أو مع من يقررون العيش معهم في المستقبل”.
photo 06
استنساخ نجاح المبادرة
لقيت مبادرة تعليم أطفال اللاجئين استحسان جل سكان المدينة، وتطوع من أجلها نحو ثلاثمائة شخص، إن أصحابها يسعون لتوسيعها إلى ولايات تعرف هي الأخرى وجود أعداد كبيرة من اللاجئين مثل وهران والجزائر العاصمة وقسنطينة وبجاية، ويسعى متطوعون إلى استنساخ الفكرة في 22 محافظة جزائرية بالتنسيق مع أصحاب المبادرة.
إنهم يأملون وفق ما ذكره عثمان بن سالم إلى تأسيس مدارس نموذجية لتعليم اللاجئين، حيث أكد لـClavo “قمنا باتصالات مع السلطات المحلية، لمنحنا تراخيص لاستقبال الأطفال اللاجئين في أماكن مناسبة للتعليم، خصوصا بعد تبرع بعض أصحاب المدارس الخاصة بقاعات من أجل القيام بذلك خلال فترة العطلة”.
photo 04
مخاوف وأفكار سلبية
لمبادرة تعليم الطفولة الحائرة هدف أسمى، “إنها تسعى لتغيير الأفكار النمطية المسبقة عن اللاجئين الأفارقة، والتي هي في الغالب سلبية  لدى الشارع الجزائري”، هكذا حكت المتطوعة الجزائرية مريم سماري لـClavo، وأضافت “كثيرا ما يتردد السكان في التعامل مع اللاجئين خوفا من المرض أو الاعتداء”، إنها تسعى وزملاؤها لرسم الصورة الحقيقية لهؤلاء اللاجئين الذين أجبرتهم ظروف الحروب والنزاعات على الفرار من أوطانهم، فالواجب الإنساني – حد تعبيرها – يوجب مساعدتهم وتمكينهم من كل ما يمكن أن يحتاجونه لحياة كريمة حاضرا ومستقبلا.
photo 08

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق